"الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين"
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
"الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين"
وقفة مع قول الله تعالى :-
"الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"
[الزخرف:67]
قال تعالى :
" الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)
يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68)
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69)
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)"
الزخرف
الأخلاء : جمع خليل ، والخلة الصداقة البالغة
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أي أعداء ، يعادي بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً .
إِلاَّ الْمُتَّقِينَ فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة
سبب النزول
وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ،
كَانَا خَلِيلَيْنِ ، وَكَانَ عُقْبَةُ يُجَالِسُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،
فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدْ صَبَأَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ ،
فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ :
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا وَلَمْ تَتْفُلْ فِي وَجْهِهِ ، فَفَعَلَ عُقْبَةُ ذَلِكَ ،
فَنَذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلَهُ ، فَقَتَلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا ،
وَقُتِلَ أُمَيَّةُ فِي الْمَعْرَكَةِ ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ :
كَانَ خَلِيلَانِ مُؤْمِنَانِ وَخَلِيلَانِ كَافِرَانِ ، فَمَاتَ أَحَدُ الْمُؤْمِنَيْنِ فَقَالَ :
يَا رَبِّ ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ . وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ ،
يَا رَبِّ فَلَا تُضِلُّهُ بَعْدِي ، وَاهْدِهِ كَمَا هَدَيْتَنِي ، وَأَكْرِمْهُ كَمَا أَكْرَمْتَنِي .
فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْمُؤْمِنُ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ ،
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
نِعْمَ الْخَلِيلُ وَنِعْمَ الْأَخُ وَنِعْمَ الصَّاحِبُ كَانَ .
قَالَ : وَيَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ ،
فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَلَّا تَهْدِهِ بَعْدِي ، وَأَنْ تُضِلَّهُ كَمَا أَضْلَلْتِنِي ، وَأَنْ تُهِينَهُ كَمَا أَهَنْتَنِي ،
فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْكَافِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمَا :
لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَيَقُولُ :
يَا رَبِّ ، إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ ،
فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُضَاعِفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بِئْسَ الصَّاحِبُ وَالْأَخُ وَالْخَلِيلُ كُنْتَ . فَيَلْعَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ .
قُلْتُ : وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُتَّقٍ وَكَافِرٍ وَمُضِلٍّ .
(تفسير القرطبي)
هذا هو الذي حدث، وهو الذي رواه علماء السيرة وأصحاب النـزول ،
وإليكم تعليق بيان الله عز وجل على هذا الذي حدث ، يقول الله تعالى :
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً , يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً , لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً )
[الفرقان:25/27-29].
حضُّ رسولنا على حسن اختيار الخلاَّن
وللأهمِّيَّة التي يلعبها الخليل في حياة المرء، فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسن الاختيار، حيث قال:
"الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ"
رواه أبو داود والترمذيّ، بسندٍ حسن
تأكيدٌ نبويٌّ على مصاحبة الأخيار
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعته ويحوطه من ورائه"
رواه أحمد وأبو داود والترمذيّ، بسندٍ صحيح
الصحبة كالبيئة
والصحبة كالبيئة، إمَّا أن تكون ملوَّثةً أو تكون نظيفة..
فمن عاش في بيئةٍ ملوَّثةٍ ناله نصيبٌ وافرٌ من الأمراض والأوبئة المهلكة،
أمَّا من حرص على العيش في بيئةٍ نظيفةٍ فسيبقى في منأى عن كلِّ ذلك،
والغريب أن يختار الإنسان ما يهلكه ويشقيه، عن أنسٌ رضي الله عنه :
"عليك بإخوان الصدق، فعش في أكنافهم، فإنَّهم زينةٌ في الرخاء، وعُدَّةٌ في البلاء"،
وقال رجلٌ لداود الطائيّ : أوصني؟
قال : "اصحب أهل التقوى، فإنَّهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة، وأكثرهم لك معونة".
الصاحب مرآة النفس
والصاحب أشبه ما يكون بمرآة النفس، تكشف محاسنها ومساوءها، قبحها وجمالها،
وبقدر ما تكون نظيفةً صافيةً بقدر ما تعكس صورة صاحبها نقيَّةً من غير غشٍّ أو "رتوش" مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
"المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه "
رواه البخاري.
الصحبة الصالحة صمام أمان
والصحبة الصالحة صمام أمان المتصاحبين، يعين بعضهم بعضاً على شؤون الدنيا والدين،
فعن مالك بن دينار أنَّه قال لختنه (أي صهره) :
"يا مغيرة، انظر كلَّ أخٍ لك، وصاحبٍ لك، وصديقٍ لك، لا تستفيد في دينك منه خيرا، فانبذ عنك صحبته، فإنَّما ذلك لك عدوّ، يا مغيرة، الناس أشكال :
الحَمام مع الحَمام، والغراب مع الغراب، والصَّعر -العصفور الصغير- مع الصَّعر، وكلٌّ مع شكله".
مختاراتٍ من الشعر لتأكيد أهميَّة وقيمة الصحبة:
فعن سفيان الثوريِّ قوله:
ابلُ الرجال إذا أردت إخاءهــم....... وتوسـَّـمنَّ أمــورهم وتفقّـــــــدِ
فإذا وجدت أخا الأمانة والتُّقى....... فبه اليدين –قرير عينٍ– فاشددِ
ودع التذلُّل والتخشُّـع تبتـغي....... قرب امرئٍ إن تدنُ منه تُبعَـــــدِ
وقال أحد الشعراء:
ما ذاقت النفس على شهوةٍ....... ألذّ من حبِّ صديقٍ أميـــنِ
من فاتـه ودُّ أخٍ صــــــــــــالحٍ....... فذلك المغبـون حَــقَّ يقينِ
إخوتي الكرام ،، أخواتي الكريمات
ما أروع أن نترجم هذه المعاني وهذه الخصال الحميدة في حياتنا وأن تكون لنا عبرة نعتبر منها ؛
وما أروع أن نكون من الأخلاء الذين هم من المتقين الذين يعينون بعضهم البعض على طاعة الله ؛
والذين يرجون جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ؛
الذين يتحابون في الله فيظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ؛
الذين يرثون الفرودس الأعلى مع من أحبوا في الدنيا بلا قرابة ولا نسب ؛
ولم يجتمعوا إلا على طاعة الله وطلب رضوانه جلّ في علاه ؛
ياالله
ما أروع هذا الموقف المهيب ؟؟!!!
ما أروع أن تُحشر مع من أحببت ؛
ولكن
هل كل من نصاحب ونصادق ونآخي ونحب هم من هؤلاء الأخلاء الذين هم من المتقين ؟؟!!!
عن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال :
{ إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم في الله }
قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم؟ قال:
{هم قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس}
وقرأ هذه الآية : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]
[رواه أبو داود].
وقال عليه الصلاة والسلام :
{إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي}
[رواه مسلم].
اللهم بحق اسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت وإذا سُئلت به أعطيت ؛
احشرنا مع من أحببنا فيك في زمرة المتقين ؛
واجعلنا من الأخلاء الصالحين ومن عبادك المؤمنين ؛
وثبتّنا على الطاعة ليوم الدين ؛
اللهم احشرنا مع نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛
وأشربنا وأهلينا وأحبتنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا ؛
اللهم واحشر نساء المسلمين وأزواجهن الصالحين في جنات عدن ؛
واجعلهم فيها من الخالدين يا رب العالمين ؛
اللهم لا تجعلنا ممن يقول يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا ؛
اللهم و اجعلنا من أوليائك الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يا الله ؛
اللهم إنّا قد أحببنا فيك من مشارق الأرض ومغاربها ؛
ولقد باعدت بيننا الحدود والسدود ؛
فاجمعنا بأحبتنا في الدنيا والآخرة ؛
برحمتك يا أرحم الراحمين .
"الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"
[الزخرف:67]
قال تعالى :
" الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)
يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68)
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69)
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)
يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)"
الزخرف
الأخلاء : جمع خليل ، والخلة الصداقة البالغة
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أي أعداء ، يعادي بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً .
إِلاَّ الْمُتَّقِينَ فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة
سبب النزول
وَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ،
كَانَا خَلِيلَيْنِ ، وَكَانَ عُقْبَةُ يُجَالِسُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،
فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : قَدْ صَبَأَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ ،
فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ :
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا وَلَمْ تَتْفُلْ فِي وَجْهِهِ ، فَفَعَلَ عُقْبَةُ ذَلِكَ ،
فَنَذَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلَهُ ، فَقَتَلَهُ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا ،
وَقُتِلَ أُمَيَّةُ فِي الْمَعْرَكَةِ ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ :
كَانَ خَلِيلَانِ مُؤْمِنَانِ وَخَلِيلَانِ كَافِرَانِ ، فَمَاتَ أَحَدُ الْمُؤْمِنَيْنِ فَقَالَ :
يَا رَبِّ ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ . وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ ،
يَا رَبِّ فَلَا تُضِلُّهُ بَعْدِي ، وَاهْدِهِ كَمَا هَدَيْتَنِي ، وَأَكْرِمْهُ كَمَا أَكْرَمْتَنِي .
فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْمُؤْمِنُ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ ،
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
نِعْمَ الْخَلِيلُ وَنِعْمَ الْأَخُ وَنِعْمَ الصَّاحِبُ كَانَ .
قَالَ : وَيَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ ،
فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَلَّا تَهْدِهِ بَعْدِي ، وَأَنْ تُضِلَّهُ كَمَا أَضْلَلْتِنِي ، وَأَنْ تُهِينَهُ كَمَا أَهَنْتَنِي ،
فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْكَافِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمَا :
لِيُثْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَيَقُولُ :
يَا رَبِّ ، إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِكَ ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ ،
فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُضَاعِفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بِئْسَ الصَّاحِبُ وَالْأَخُ وَالْخَلِيلُ كُنْتَ . فَيَلْعَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ .
قُلْتُ : وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُتَّقٍ وَكَافِرٍ وَمُضِلٍّ .
(تفسير القرطبي)
هذا هو الذي حدث، وهو الذي رواه علماء السيرة وأصحاب النـزول ،
وإليكم تعليق بيان الله عز وجل على هذا الذي حدث ، يقول الله تعالى :
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً , يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً , لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً )
[الفرقان:25/27-29].
حضُّ رسولنا على حسن اختيار الخلاَّن
وللأهمِّيَّة التي يلعبها الخليل في حياة المرء، فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسن الاختيار، حيث قال:
"الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ"
رواه أبو داود والترمذيّ، بسندٍ حسن
تأكيدٌ نبويٌّ على مصاحبة الأخيار
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعته ويحوطه من ورائه"
رواه أحمد وأبو داود والترمذيّ، بسندٍ صحيح
الصحبة كالبيئة
والصحبة كالبيئة، إمَّا أن تكون ملوَّثةً أو تكون نظيفة..
فمن عاش في بيئةٍ ملوَّثةٍ ناله نصيبٌ وافرٌ من الأمراض والأوبئة المهلكة،
أمَّا من حرص على العيش في بيئةٍ نظيفةٍ فسيبقى في منأى عن كلِّ ذلك،
والغريب أن يختار الإنسان ما يهلكه ويشقيه، عن أنسٌ رضي الله عنه :
"عليك بإخوان الصدق، فعش في أكنافهم، فإنَّهم زينةٌ في الرخاء، وعُدَّةٌ في البلاء"،
وقال رجلٌ لداود الطائيّ : أوصني؟
قال : "اصحب أهل التقوى، فإنَّهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة، وأكثرهم لك معونة".
الصاحب مرآة النفس
والصاحب أشبه ما يكون بمرآة النفس، تكشف محاسنها ومساوءها، قبحها وجمالها،
وبقدر ما تكون نظيفةً صافيةً بقدر ما تعكس صورة صاحبها نقيَّةً من غير غشٍّ أو "رتوش" مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
"المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفُّ عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه "
رواه البخاري.
الصحبة الصالحة صمام أمان
والصحبة الصالحة صمام أمان المتصاحبين، يعين بعضهم بعضاً على شؤون الدنيا والدين،
فعن مالك بن دينار أنَّه قال لختنه (أي صهره) :
"يا مغيرة، انظر كلَّ أخٍ لك، وصاحبٍ لك، وصديقٍ لك، لا تستفيد في دينك منه خيرا، فانبذ عنك صحبته، فإنَّما ذلك لك عدوّ، يا مغيرة، الناس أشكال :
الحَمام مع الحَمام، والغراب مع الغراب، والصَّعر -العصفور الصغير- مع الصَّعر، وكلٌّ مع شكله".
مختاراتٍ من الشعر لتأكيد أهميَّة وقيمة الصحبة:
فعن سفيان الثوريِّ قوله:
ابلُ الرجال إذا أردت إخاءهــم....... وتوسـَّـمنَّ أمــورهم وتفقّـــــــدِ
فإذا وجدت أخا الأمانة والتُّقى....... فبه اليدين –قرير عينٍ– فاشددِ
ودع التذلُّل والتخشُّـع تبتـغي....... قرب امرئٍ إن تدنُ منه تُبعَـــــدِ
وقال أحد الشعراء:
ما ذاقت النفس على شهوةٍ....... ألذّ من حبِّ صديقٍ أميـــنِ
من فاتـه ودُّ أخٍ صــــــــــــالحٍ....... فذلك المغبـون حَــقَّ يقينِ
إخوتي الكرام ،، أخواتي الكريمات
ما أروع أن نترجم هذه المعاني وهذه الخصال الحميدة في حياتنا وأن تكون لنا عبرة نعتبر منها ؛
وما أروع أن نكون من الأخلاء الذين هم من المتقين الذين يعينون بعضهم البعض على طاعة الله ؛
والذين يرجون جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ؛
الذين يتحابون في الله فيظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ؛
الذين يرثون الفرودس الأعلى مع من أحبوا في الدنيا بلا قرابة ولا نسب ؛
ولم يجتمعوا إلا على طاعة الله وطلب رضوانه جلّ في علاه ؛
ياالله
ما أروع هذا الموقف المهيب ؟؟!!!
ما أروع أن تُحشر مع من أحببت ؛
ولكن
هل كل من نصاحب ونصادق ونآخي ونحب هم من هؤلاء الأخلاء الذين هم من المتقين ؟؟!!!
عن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال :
{ إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم في الله }
قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم؟ قال:
{هم قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس}
وقرأ هذه الآية : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]
[رواه أبو داود].
وقال عليه الصلاة والسلام :
{إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي}
[رواه مسلم].
اللهم بحق اسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت وإذا سُئلت به أعطيت ؛
احشرنا مع من أحببنا فيك في زمرة المتقين ؛
واجعلنا من الأخلاء الصالحين ومن عبادك المؤمنين ؛
وثبتّنا على الطاعة ليوم الدين ؛
اللهم احشرنا مع نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛
وأشربنا وأهلينا وأحبتنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا ؛
اللهم واحشر نساء المسلمين وأزواجهن الصالحين في جنات عدن ؛
واجعلهم فيها من الخالدين يا رب العالمين ؛
اللهم لا تجعلنا ممن يقول يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا ؛
اللهم و اجعلنا من أوليائك الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يا الله ؛
اللهم إنّا قد أحببنا فيك من مشارق الأرض ومغاربها ؛
ولقد باعدت بيننا الحدود والسدود ؛
فاجمعنا بأحبتنا في الدنيا والآخرة ؛
برحمتك يا أرحم الراحمين .
ننوسة- مشرفه
- عدد المساهمات : 1537
نقاط : 4835
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 06/08/2010
العمر : 33
براءة- مشرفه متمييزه
- عدد المساهمات : 1061
نقاط : 3256
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 29/06/2010
رد: "الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين"
جزاء الله خيرا على مواضيعك
ووضعها فى ميزان حسناتك
ووضعها فى ميزان حسناتك
محمود صابر- عدد المساهمات : 282
نقاط : 803
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 14/07/2010
العمر : 33
الموقع : المنصوره
مواضيع مماثلة
» معاني لبعض الكلمات
» س5: كثير من الناس في رمضان أصبح همّهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبح رمضان شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما توجيهكم لهؤلاء؟
» س5: كثير من الناس في رمضان أصبح همّهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبح رمضان شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما توجيهكم لهؤلاء؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى